اما شاكرا واما كافورا

في سورة الإنسان يقول الله تعالى:
(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)

مع أنّ الله تبارك وتعالى جعل الإنسانَ سميعًا بصيرًا
وبالتالى قادرًا على التمييز بين الخير والشر والحقّ والباطل،
إلا أنّه لم يتركْه هَمَلاً وإنّما هداه السبيل ووضّح له الطريق وأقام عليه الحُجّة
بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
يبقى بعد ذلك للإنسان أن يختارَ لنفسه أن يكونَ إمّا شاكرًا وإمّا كفورًا.

الكفر يكون نقيض الإيمان ويكون نقيض الشكر،
وهو في الحالين جحودٌ ونكران، إما لله وما أمرنا أن نؤمن به أو لنِعَم الله وآلائه الكثيرة العظيمة.

ذكر الله الكفرَ والشكرَ مجتمعَين في المواضع التالية في كتابه الكريم:

البقرة: 152
(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)
إبراهيم: 07
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
النمل: 40
( ... قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
لقمان: 12
(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
الزمر: 07
(إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ...)

وقد ذكرتُ المواضع للتفكّر فيها والرجوع في ذلك إلى كتب التفسير.

نغفَلُ في أحيان كثيرة عن شكر الله عزّ وجلّ على نِعَمه ظنًّا منّا
أنه من البديهي أن تكون لنا أو عندنا وننسى أن كثيرًا من الناس ليس لديه ما لدينا
من دينٍ أو علمٍ أو أمنٍ أو ذريةٍ أو صحةٍ أو مالٍ أو غيرها!

وبالتالى علينا أن نكون من الشاكرين، فالله يحبّ الشاكرين ويجزي الشاكرين.
وشكرُ الله يكون باللسان والقلب والجوارح واستعمال نعم الله في طاعته وليس في معصيته.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
"لا يشكر الله من لا يشكر الناس"
وقال:
"من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه"
وقال:
"من صُنِع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء"

إنّ كلماتٍ مثلُ: شكرًا، بارك الله فيك، جزاك الله خيرًا، شكر الله لك، أحسن الله إليك أو أثابك الله لا تكلّفُنا شيئًا ولكنها تأتي لنا بخيرٍ كثيرٍ في الآخرة، وقبلَه في الدنيا حين يسود الوئام والألفة والمودة بيوتَنا وعلاقاتِنا ببعضنا البعض.

جعلنا الله جميعًا من الشاكرين،
للهِ ولعبادِ الله.